المسبب الأول للأمراض السرطانية ((ديوكسين))

المسبب الأول للأمراض السرطانية ((ديوكسين))

في طور نهضة العالم بالصناعات العملاقة والضخمة وزيادة الاستهلاك البشري و في صدد هذا التطور وتراكم المخلفات الصناعية والنفايات أصبح العالم كل يوم في خطر أكثر من اليوم الذي قبله بسبب تلوث البيئة وآثاره الجانبية ومن اخطر هذه الملوثات التي ظهرت مع هذه النهضة هي مركبات الديوكسينات وهي مجموعة من المتراكبات الكيميائية و تعرف بالملوثات العضوية الثابتة وهي لا تنتج صناعيًا ولكنها تتشكل عن غير قصد على شكل نواتج ثانوية أثناء تصنيع المركبات الكلورية أو أثناء عملية احتراق المخلفات وخاصة النفايات الهيدروكربونية وأكثرها البلاستيكية وتلك النفايات التي تحتوي على الكلورين  ، حيث يوجد من هذه المركبات في البيئة 75مركب ، أهمهم وأخطارهم واكتر سمية هو 2,3,7,8- tetra chloro  Dibenzo [P] Dioxin  ويرمز له [TCDD].

 يعود الانتشار والتوزع الكبير لهذه المركبات في البيئة الى تاريخ البدئ بإنتاج مركبات الكلور العضوية بشكل كبير في بداية الثلاثنيات من القرن الماضي (1930)، وقد لوحظ انخفاض كميات الديوكسين المنطلقة للبيئة خلال السنوات الاخيرة نتيجة تطبيق الأسس الصحيحة في الصناعة ومعالجة النفايات.

اهم الخواص الفيزيائية والكيميائية لمركبات الديوكسين:

  • كثافة أعلى من الماء Higher Density Than Water
  • ضغط بخار منخفض   Law Vapor Pressure
  • انحلالية قليلة في الماء Law Water Solubility
  • ألفه عالية للدهون والشحوم High Lipo Philicity
  • ثباتية كيميائية مرتفعة High Chemical Stability
  • ثباتية حرارية مرتفعة High Thermal Stability
  • تفكك حيوي بطيء جدًا Low Biodegradability
  • قابلية عالية للتراكم والتضخم في الانسجة الحيوية High Bioaccumulation And Biomagne-Fication Potential.

اهم مصادر الديوكسين:

1ـ مصادر الاحتراق:

وتتشكل هذه المركبات خلال عمليات الاحتراق بين 250 – 450 م° وتكون أعلى نسبة تشكيل بين 300 – 325 م°،وبشكل عام كلما ازدادت نسبة الكلور في النفايات المعرضة للإحتراق كلما ارتفعت نسبة تشكيل الديوكسين.

 2ـ مصادر صناعية:

كل الصناعات التي تشمل فيه المركبات العضوية الكلورية (كلور الفينول، كلور البنزين، PVC، كلور ثنائي الفينول) مثل الصناعات النسيجية وعمليات التبييض والتنظيف الجاف وصناعة الجلود وكذلك عمليات إعادة تنشيط الوسائط المستخدمة في الصناعة النفطية.

3.مصادر طبيعية:

  • حرائق الغابات
  • البراكين

 وتعتبر حرائق الغابات في بعض الدول (أمريكا) من أكبر مصادر إطلاق الديوكسين المنطلقة للبيئة في تلك الدول.

كيفية تشكل الديوكسين في الطبيعة:

 إن مركبات الديوكسين لا تتولد طبيعياً، وهي موجودة في كل مكان، وتتشكل بشكل غير مقصود كنواتج ثانوية في بعض العمليات والأنشطة (التصنيع والتخليص)، كما أنها تتواجد كملوثات في بعض المنتجات كتواجد ت.س.د.د TCDD في مركب 2،4،5-ثلاثي كلورو فينول2,4,5-TCP، ومبيدالأعشاب (حمض5.4.2 ثلاثي كلوروفينوكسي اسيتيك 2,4,5-T) ومضاد الجراثيم سداسي كلوروفين، وكذلك مركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور PCBs.

تنقسم طرق التشكل إلى مجموعتين:

1)      التشكل في العمليات الحرارية:

2)      التشكل في العمليات الكيميائية الرطبة:

عموماً تزداد هذه المركبات بازدياد المحتوى من الكلور في المركبات العضوية، أو ازدياد الرطوبة، أو بوجود معادن حفازة ، أو بشكل عام ظروف الاحتراق السيئة.

اخطار الديوكسين:

  تمت دراسة من قبل الوكالة الدولية لبحوث السرطان(IARC) ان المركب الأكثر سمية وهو 8,7,3,2 رباعي كلور وثنائي أوكسين (2,3,7,8-TCDD) وتم تصنيفه ضمن المجموعة 1 (مسرطن بشكل مؤكد لدى الإنسان).

وتتمثل آلية التأثير بأن يقوم مركبات (TCDD) بالارتباط بشكل عكوس بمستقبلات هايدروكربون أريل

(AH RECEPTORS) مستقبلات تتوزع بكثرة في الوسط السائل للسيتوبلازما لخلايا معظم الأنسجة، وهذه المستقبلات شبيهةبمستقبلات غلوكوكورتيكوئيد التي تتأثر مع الستيروئيدات الوظيفية وعبر سلسلة معقدة من الأحداث داخل الخلايا، فإن المركب بعد الارتباط يتأثر مع المورثات المنظمة للنواة في الخلية وبالتالي يحرض على نمو الخلية وتكاثرها. (3)

ويمكن تصنيف اضرار مركبات الديوكسين لكل من:

§         التأثيرات التوالدية: من المحتمل ازدياد حالات الاجهاض، والقليل ما هو معروف عن التأثيرات على الخصوبة.

§         التأثيرات الماسخة: ازدياد حالات التشوهات لدى الحوامل.

§     التأثيرات المناعية: من المحتمل حدوث اضطرابات مناعية ناجمة عن اضطراب المناعة المتوسطة بالخلايا، وكذلك من المحتمل حدوث تبدل في عدد ووظائف الخلايا اللمفاوية.

·     السرطانات: تحدث السرطانات في أجهزة عديدة منها، لمفوما لاهودجكين، ساركوما النسج الرخوة، وورم النقي العديد، سرطانات في الكبد والطرق الصفراوية والمريء والمعدة والحنجرة والمثانة والنسج الضامة والجنب والجلد (ميلانوما) والدم (ابيضاض).

طرق وصول الديوكسين الي أجسامنا:

حيث بإمكان الديوكسينات بعد دخولها للجسم من الاستحكام لمدة طويلة بسبب استقرارها الكيميائي وسهولة امتصاصها من قبل النسيج الدهني حيث يتم تخزينها. ويتراوح نصف عمرها بين 7 أعوام و11 عامًا.

  • الهواء: تنطلق إلى الهواء من المصادر الثابتة (المتعلقة بالنشاطات الصناعية، كالإنتاج والتصنيع)، يقوم الهواء بحمل هذه المركبات لمسافات بعيدة عن مصادر تشكلها وانبعاثها.
  • الأرض (التربة): يبلغ العمر النصفي لمركب ت.س.د.د (TCDD) في التربة أكثر من 10 سنوات، وتصل هذه المركبات إلى الأرض من المنتجات الملوثة بها والمطبقة على الأرض مباشرة أو المتروكة عليها (كاستعمال المركبات الكيميائية الملوثة بها، أو تطبيق حمأة الصرف الصحي الملوثة بها، أو التخلص من النفايات المحتوية عليها على الأرض كالرماد الناتج عن الحرق المكشوف) (3)
  • الماء: تصل هذه المركبات إلى الماء من تدفقات الصرف الصناعي من المواقع التي تتشكل فيها أو التي تنتج فيها المنتجات الملوثة بها، وكذلك عبر الإرتشاح من مقالب النفايات المحتوية عليها، وهناك مصدر لا بد من الإشارة إليه وهو الصرف الناتج عن العمليات المنزلية الاعتيادية (الآت الغسيل الجاف للثياب).
  • التراكم: تتراكم في النظم البيئية، وتدخل في سلسلة الغذاء (لاسيما الأسماك واللحوم ومنتجات الألبان)

بعض الحوادث الناجمة عن التلوث بمركبات الديوكسين:

تعمد بلدان كثيرة إلى رصد الديوكسينات في الإمدادات الغذائية، وقد مكّن ذلك من الكشف عن التلوّث في مراحل مبكرة وإلى الحيلولة في كثير من الأحيان دون انتشار ذلك التلوّث على نطاق واسع، ومن الأمثلة على ذلك: تمكّن السلطات المعنية في هولندا في عام 2004 من عزي ارتفاع مستويات الديوكسينات في الحليب إلى صلصال استُخدم في إنتاج علف الحيوانات. ومن الأمثلة الأخرى الكشف في هولندا في عام 2006 عن ارتفاع مستويات الديوكسينات في علف الحيوانات والتمكّن من عزي ذلك إلى دهون ملوّثة استُخدمت في إنتاج ذلك العلف.

والجدير بالملاحظة أنّ بعض حوادث التلوّث بالديوكسينات اكتست درجة أكبر من الأهمية وأدّى إلى حدوث آثار أوسع نطاقاً في كثير من البلدان؛ ففي أواخر عام 2008، قامت أيرلندا بسحب أطنان عديدة من لحوم الخنازير ومشتقاتها من الأسواق عندما تم الكشف عن الديوكسينات في عيّنات منها بمستويات تفوق الحدود المأمونة بنحو 200 مرّة، وأدّى هذا الإكتشاف إلى أحد أكبر عمليات سحب الأغذية من الأسواق بسبب تلوّث كيميائي. وأشارت عمليات تقييم المخاطر التي اضطلعت بها السلطات الأيرلندية إلى عدم وجود أيّ دواع للقلق الصحي العمومي. وتم عزو الحادث إلى تلوّث العلف بالديوكسينات.

ففي تموز/يوليو 2007 أصدرت المفوضية الأوروبية إنذاراً صحياً موجهاً إلى الدول الأعضاء فيها في أعقاب الكشف عن مستويات عالية من الديوكسينات في مضاف غذائي-صمغ الغار-يُستخدم كمثخّن بكميات صغيرة في اللحوم أو منتجات الألبان أو المنتجات الرهيفة. وتم عزي ذلك إلى تلوّث صمغ الغار المستورد من الهند بمركب خماسي الكلوروفينول، وهو أحد مبيدات الحشرات التي تحتوي على الديوكسينات ولم تعد تُستخدم الآن.

تم إجراء دراسات واسعة لتحديد الآثار الصحية المرتبطة بوجود 2، 3، 7، 8-رباعي كلوروديبنزو بارا ديوكسين في بعض الدفعات من العامل البرتقالي (مبيد أعشاب) الذي كان يُستخدم كمبيد لأوراق النباتات خلال حرب فييتنام، ولا زال يتم تحرّي الصلة القائمة بين ذلك المبيد وبعض أنواع السرطان؛ فضلاً عن الصلة بينه وبين السكري.

كما تم الإبلاغ عن بضع حالات من التسميم البشري المتعمّد، وأبرز حادث من هذا النوع هو ذلك الذي تعرّض له الرئيس الأوكراني فيكتور يوتشينكو، في عام 2004، وأدّى إلى تشويه وجهه بالعدّ الكلوري. (2)

مما سبق ذكره من طبيعة مركبات الديوكسين واخطارها لهذا يجب الحذر منها محاولة الحد منها باتباع خطوات نوجزها كالتالي:

1-   حرق المواد الملوثة بالطرق السليمة للحد من انبعاث الديوكسين حيث يتطلب درجات حرارة عالية أكثر من 850 م◦ وقد تتطلب للكميات الكبيرة لأكثر من 1000م.

2-   تحدث أكثر من 90% من حالات تعرّض البشر للديوكسينات من خلال الإمدادات الغذائية، ومن خلال اللحوم ومنتجات الألبان والأسماك والمحار بالدرجة الأولى، وبناءًا عليه تصبح حماية تلك الإمدادات من الأمور الحاسمة التي يجب الاهتمام بها جيدا.

3-   توعية المستهلك بأخطار الديوكسين ومصادر انبعاثاته مثل نزع الشحم من اللحوم أو استهلاك منتجات الألبان مخفضة الدهون، استعمال الاواني البلاستيكية في تجميد الاطعمة او في الميكرويف حيث يتم إطلاق مركبات الديوكسين في درجات منخفضة جدًا والمرتفعة.

4-   محاولة التقليل من المواد التي تصدرهذه المركبات سواء عند انتاجها اواستعمالها او حرقها مثل: اواني البلاستيك واستبدالها بزجاجية، اكياس النايلون واستبدالها بالأكياس الورقية غير المعالجة أو استخدام اكياس التسوق الدائمة، محاولة التقليل من استعمال الورق المبيض إلا عند الحاجة إليه.

5-      إجراء تقييم أثر بيئي صحي للمشاريع المطلقة لمركبات الديوكسين.

6-      تأمين المختبرات اللازمة لتحليل هذه المركبات واجراء القياسات اللازمة.

 المراجع:

1-      تقرير حول إصدارات مركبات الديوكسين والفيوران في الجمهورية العربية السورية / دمشق 2006.

2-      تقرير حول تقييم الأثر الصحي والبيئي للملوثات العضوية بطيئة التحلل في البيئة الـ POPs /دمشق 2006.

3-   Dioxins and their effects on human health May 2010,  Fact sheet N°225